الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

صراع اللا شيء !!

صراع اللا شيء


بقلم : محمود عبدالسلام علي

هناك من ولد في عالمنا هذا ليكن مصارعاً , و هناك من ولد ليعلم كيف تصنع حلبة الصراع و كيف يجني من وراءها المكسب و كيف يسخرها لخدمة أهدافه و ذلك بإجبار المتصارعين علي إحترام قواعده علي الحلبة التي هو بصانعها .

و علي هذا فهناك من يصارع وفقاً لقواعده الخاصة التي تتسق مع مبادئه و التي قد تغضب منه الجمهور أحياناً و قد تغضب صاحب الحلبة أيضاً لأنه لم يأبه بالقواعد التي وضعها .
هذا المصارع يعلم جيداً إنه قد تكسر ضلوعه ... قد تتهشم رأسه لكن آثر علي كل ذلك عقله الذي أنجب الفكرة و حافظ عليها لأنه علم و أدرك أن الأفكار دائماً أبقي و أخلد من أجسادنا .
و علي الصعيد الآخر فهناك من يتصارع وفقاً لمبدأ " الغاية تبرر الوسيلة " فهو يتصارع حسب ما تفرضه الحلبة عليه من أجواء و تقلبات و وفقاً للشروط و القواعد التي وضعها صانع الحلبة , و ما إن تبدلت المصالح المشتركة بين المصارع و الصانع حتي إستطاع الصانع من الإيقاع به بسهولة و كما يقولون يستطيع إيقاعه في شر أعماله !!

هذا هو واقعنا السياسي في مصر , هذا ما لم يدركه أولئك من يتصارعوا علي الساحة من مدعين سواء مدعي الدولة المدنية أو مدعي الدولة الدينية , كلاهما يتصارعان من أجل البقاء و كل منهم يتصارع من أجل الوصول للسلطة و سيظلوا هكذا واهمين أنفسهم بقبض الريح بأيديهم !!

و من هنا نستطيع أن نبدأ المقال ......

لنعود بالزمان إلي الخلف قليلاً , حينما بدي في الأفق جلياً فكرة التوريث في عهد الرئيس المخلوع " مبارك " , و عندما بدأت تظهر مؤشرات توحي بجدية رغبة العائلة المباركية في أن تنتقل السلطة من مبارك الأب إلي مبارك الإبن " جمال مبارك " .
عندها لاح في الأفق لأول مرة علي الساحة السياسية إسم اللواء " عمر سليمان " و بدأ إسمه يتداوله الناس في أحاديثهم علي غير العادة عن كون رئيس جهاز المخابرات غير راضياً عن إنتقال السلطة من مبارك الأب إلي مبارك الإبن , و عن كون المؤسسة العسكرية غير راضية عن ذلك تماماً , لكن الغريب في ذلك أن عندما تناقل الناس هذا الكلام آن ئاك تناثر كلام حوول أن إعتراض المؤسسة العسكرية ليس علي مبدأ التوريث بل إنما علي مبدأ إنتقال السلطة من يد السلطة العسكرية المتمثلة في "مبارك" إلي شخص "مدني" أياً كان من هو .. !!

و هنا كانت أولي حلبات الصراع , عندما بدأت المؤسسة العسكرية تنسحب تدريجياً من دعم نظام مبارك خاصاً عندما رأوا ما قام به مبارك و وزير داخليته آن ذاك "حبيب العادلي" عندما قام بتكثيف القوي العددية لقوات الأمن حتي إنها كادت أن تصبح أكثر قرباً إلي صورة الجيش الموازي لا ينقصها سوي الدبابات و الطائرات .

فهذا الجيش الموازي الذي كان يجهز لحماية عملية التوريث تلك , حتي ما أعلنت المؤسسة العسكرية رفضها التام و الصريح لجمال مبارك , فكان من ذلك الجيش الموازي إلا أن يتصدي لذلك الرفض بتصفية المعارضين كم أي جانب كان حتي و إن كانت المؤسسة العسكرية ذات نفسها و هنا كان سيحدث ما لا يحمد عقباه .

و هنا آثرت المؤسسة العسكرية إلتزام الحياد المائل نحو حتمية سقوط هذا النظام و وضع آلية لذلك و لإحتواء ذلك ما إن إنتفض الشعب حيال ذلك و أن يبقي الوضع تحت سيطرتهم , وذلك بما لا يضر بمصالحهم داخل مؤسسات الدولة و هيمنة هذه المؤسسة علي كل كبيرة و صغيرة فتلك الهيمنة التي ظلت و أمتدت لطوال 60 عاماً ظل في الحكم العسكري منذ عام 1952 .

و هنا كانت أولي جولات الصراع , حين تصارع الجميع بكل طوائفه و بكل توجهاته الفكرية ضد نظام مبارك حتي سقط في 11 فبراير بعد ضغط شعبي و عسكري بعد أن إنسحبت المؤسسة العسكرية من دعم هذا النظام و كان الإنسحاب إنسحاباً تكتيكياً مخطط له ضمن خطو كاملة لإحتواء الأمر .

فلا يجب أن ننسي أو نتناسي أن قبل 25 يناير كان مبارك كان قد أحال ملف متابعة و إحتواء ما سيحدث إلي مكتب قائد المخابرات العسكرية و الحربية آن ذاك و هو الفريق "عبدالفتاح السيسي" وزير الدفاع الحالي و العضو التاسع عشر بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة السابق بقيادة المشير "طنطاوي" .

و هنا كانت ثاني حلبات الصراع , بعد أن سقط نظام مبارك بيد جميع القوي الوطنية و الشعبية متحدة معاً و بمساندة و ضغط سري من المؤسسة العسكرية حتي سقط طغيان نظام مبارك , لكن سرعان ما يجري البعض وراء أهدافه السلطوية مستعداً لعقد الصفقات و مستعداً لخسارة الجميع من أجل تلك الأهداف و مقابل تحقيق غايته .
هكذا فعلت الجماعة المحظورة "الإخوان المسلمين" و كذلك كانت خير آداة تلعب بها المؤسسة العسكرية و المخابراتية لتطبيق مبدأ " فرق تسد " فهم يعلمون خطورتهم ما إن وصلوا إلي السلطة و يعلمون قدرتهم التنظيمية التي هي بقادرة علي تسخيرها لتفرقة الصف .

و بدأ حينها الصراع يشتد بين الفرقتان المتناحرتان , فأحدهما يدعي الإستقرار و الحفاظ علي الشريعة و الطابع الديني للدولة و الآخر يدعي الحفاظ علي مدنية الدولة و الديموقراطية و الحفاظ علي الثورة و مكتساباتها, بغض النظر عن كونهما هما الإثنان كاذبان وكلاهما يقولان ما لا يفعلون , لكن صراعهم ذلك سواءاً في الإستفتاء علي التعديلات الدستورية أو علي دستور 2012 أو في مجلسي الشعب و الشوري ثم في الرئاسة .

كانت كلها صراعات مقصودة لتعميق ذلك الصراع و لتولد جبهات أخري أكثر و أكثر لتفرقة الصف , وفي ظل هذه الصراعات و المعارك يولد الثائر الحق الثابت علي مبدئه , فقد أدرك حينها الكثير من الشباب أن كلا الفريقان لا يعملان لا من أجل الثورة ولا من أجل الوطن إنما لمصلحتهم السلطوية فقط لا غير .

فالإخوان كما نعلم جميعاً عقدوا العديد من الصفقات مع المؤسسة العسكرية بكافة الطرق و السبل للوصول إلي سدة الحكم , أما النخبة المدنية فهي تنادي و تتكلم من الأبراج العالية و تتحدث عن مطامع سلطوية هي الأخري و يتكلمون و لو كأن ثورة لم تقم و كأن المواطن مهتماً بتلك الشئون السلطوية , فالمواطن البسيط لا ينظر إلي تلك المهاترات لكن ينظر إلي من يري فيه أن يحقق له لقمة العيش و الخدمات و هكذا أجاد الإخوان الوصول للشارع و مراوغته حتي وصلوا إلي ما يبغون .

و برغم من ذلك كانت الفئة الثورية حريصة علي أن يلتزموا بمباديء الثورة و تحقيق أهدافها و الفرقتان الأخرتان في ضلالهم القديم و صراعهم السقيم .

فكانت الكثير من الأحداث و الملابسات التي أصطنعها الإخوان بالتعاون مع المؤسسة العسكرية لإلهاء تلك الفئة , حتي تسير الخطة كما يجب أن تكون عليها .

فكان قبيل أي حدث سياسي ضخم أو اثناءه , كانت تصطنع الإشتباكات بجميع أنحاء الجمهورية في آن واحد لتستنكرها الجماعة و تستنكرها المؤسسة العسكرية في آن واحد , ليقع من يقع من شباب الثورة الأطهار في أحداث ماسبيرو و محمد محمود و مجلس الوزراء بيد الخس و الحقارة .

و تمت تلك الصفقات بنجاح , إلا أن وصل الإخوان إلي سدة السلطة التشريعية و التنفيذية و حينها وصل مندوب الجماعة في قصر الرئاسة الرئيس المعزول "محمد مرسي" .

عندها تسائلت لماذا ؟؟؟ ... لماذا فعلت المؤسسة العسكرية هذا كله , أهل حقاً أرادوا تسليم السلطة إلي مدنياً بما يحفظ مصالحهم معهم أم أن هناك شيئاً آخر لا أدركه في تلك اللحظة .
لكن سرعان ما أكتشفت ما هو الشيء الآخر الذي لم أراه آن ذاك , أن المؤسسة العسكرية علي علم تام كما ذكرت سابقاً بمدي خطورة هذه الجماعة و بمدي قدرتها التنظيمية و خطورتها في الشارع المصري و يعلمون جيداً أن تلك الجماعة ستظل علي ثقة بتلك المؤسسة بعد أن ساندوها في الوصول لتلك المكانة من السلطة و يعلمون جيداً أن غبائهم السلطوي سيدفع بهم إلي معارضة المصالح المشتركة و إنهم سرعان ما سيفقدون الشارع و القوي الأخري التي ساندتها في الإنتخابات الرئاسية في مواجهة "شفيق" .

و كانت أولي دلالات صدق ما أقول عندما أصدرت الجماعة أوامرها لمندوبها بقصر الرئاسة بإصدار الإعلان الدستوري الفاشي , الذي يعد مخالفاً لما كان متفقاً عليه , و ما كان من المؤسسة العسكرية إلا أن أرتفع بوق الإنذار لهذا النظام بما عرف بـ " جمعة حرق المقرات " فما حدث في ذلك اليوم بشكل منظم مثير للجدل , لكن غباء الجماعة جعلها لم تدرك ذلك بل و تعاملت معه بغباء شديد فهم لم يعوا ذلك ثم كان المسمار الأخير الذي بدوره أصدر حكماً بالإعدام لهذا النظام الغبي , عندما ثار أمر مناقشة الميزانية الخاصة بالمؤسسة العسكرية و هنا جاء دور صراع المؤسسات ليحدث ما عرف آن ذاك بصراع السلطة القضائية حينما صدر عقب ذلك قراراً من المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب , و كل ذلك لم يدرك الإخوان من يصارعون بل و إزداد غبائهم في مصارعة القوي المدنية ليتم تنحيتهم في كتابة الدستور مما أحدث فجوة أعظم في هذا الصراع , و هنا جائت المؤسسة العسكرية و المخابراتية بدورها لتبدأ عقد صفقات مع تلك القوي التي تم تنحيتها و بدأ العد التنازلي لسقوط هذا النظام, و كل ذلك أحدث فجوة أخري بين المواطن البسيط و السلطة فزادت كراهية الشارع لتلك الجماعة التي لا تملك لا مشروعاً ولا سيطرة علي مقدرات الوطن لتسخيره للمواطن البسيط الذي أعطي ثقته لهم .

ثم ظهرت حملة "تمرد" التي آثارت العديد من التساؤلات و الشبهات لكن ما كان جلياً لي آن ذاك , أن تلك الحملة صنعت من أجل هدف محدد و صريح و هو إستجلاب القوي الناعمة بإسلوب الثورة و الشباب و هذا ما لا تستطيع المؤسسة العسكرية إعلانه صراحةً , إلا بإستخدام الوجهات الشبابية التي تستطيع عن طريق إستغلال الأزمات توجيه تلك القوي الناعمة إلي الثورة ضد هذا النظام و هكذا ثار شعب مصر ضد هذا النظام الفاشي في 30 يونيو .

وبذلك كان قد قضي الأمر في أكثر الكيانات المنظمة في الشارع المصري بعد أن رأي الشعب فشلهم و جرائمهم في حق من يعارضوهم و ذلك كله لأنه لم يلتزم بقواعد صانع حلبة الصراع فما كان منه إلا أن إستطاع إيقاعه في شر أعماله خارج تلك الحلبة ليتلقفه الجمهور .

هكذا و لم تتعلم القوي التي تدعي المدنية من أخطاء من سبقوها , فهم يسيرون بخطي ثابتة علي نفس النحو الذي سار فيه الإخوان المسلمين , لكني آمل بأن تخيب ظنوني تلك , لكني أري أن سقوطهم أمر حتمي لأنهم لن يصمدوا و لا يمتلكون مشروعاً يكسبون من خلاله رضاء القوي الناعمة بالشارع المصري و هذا ما سيودي بهم في زمرة من سبقوهم .
و أكبر دليل علي عدم قابلية الشارع لوصول تلك الفئة هي رغبة الشارع العارمة في وصول الفريق "عبدالفتاح السيسي" إلي الرئاسة حتي بعد أن أعلن مراراً و تكراراً عدم نيته علي ذلك , لكن ذلك من وجهة نظري الخاصة من ضمن الخطة المحكمة , فعليه أن يسقط مسبقاً تلك القوي حتي لا يبقي للشارع سوي المؤسسة العسكرية مغيثاً, نعم فإن الثورة القادمة علي أولئك من يدعون الدولة المدنية و سيشارك بها الثوار و الشعب جميعاً بنفس الآليات التي تمت مع نظام الإخوان .

لكن أهل هنا مخرجاً من ذلك أو بعد ذلك ؟؟؟؟؟

نعم إني أري حتمية سقوط تلك القوي المدنية و حتمية سقوط من سبقوهم و من سبقوهم أيضاً ... فعسي أن تكرهوا شيئاً و هو خير لكم .

فإن الوحيدون الذين شاركوا في إسقاط تلك الأنظمة هم الوحيدون القادرين علي توحيد صفوف جميع من سقطوا لبناء دولة فستكن الثورة الرابعة بمشاركة الإخوان و الفلول و المدينيين لكنها بقيادة الثوار الثابتين علي الأفكار , قد تكن وجهة نظري صحيحة أو خاطئة أو قد أكن واهماً لكن في النهاية هذا لا يعني إطلاقاً تخويني لأي طرف سواء الفلول أو الإخوان أو المدنيين أو المؤسسة العسكرية لكن أعترف بغباء الجميع الذي جعلهم في ما هم فيه الآن , فهم جميعاً يسيرون نحو الهاوية فهم يصارعون أنفسهم و يصارعون اللا شيء من أجل اللا شيء لا من أجل الوطن .

أردت في داخلي أن أرضي قناعاتي و أن أقول ما عجز الكثيرون عن قوله


و بالنهاية يجب أن يدرك جميع من يتصارعون من أجل البقاء ... إننا نصارعهم من أجل النقاء ... و في النهاية سننتصر بكم أنتم و ليس عليكم !!
===========================================
للتواصل مع الكاتب علي صفحته الرسمية علي الفيس بوك :


للتواصل مع الكاتب علي حسابه الشخصي علي الفيس بوك :

للتواصل مع الكاتب علي تويتر :

للتواصل مع الكاتب علي إيميله و مراسلته :

Ma7moud.3bdelsalam@gmail.com


الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

شرعية الحكام و إنفلات الزمام

شرعية الحكام ... و إنفلات الزمام


بقلم : محمود عبدالسلام علي

نعم هي موضوع تلك المقالة , إنها تلك الكلمة التي أصبحت ذات سمعة سيئة و التي أصبحت مثل اللعبة في يد الطفل الصغير التي يلعب بها بدون أن يدرك أو يعي كيف تعمل أو كيف تصنع !!! .

إنها " الشرعية " هي تلك الآلية التي يستطيع الحاكم من خلالها توطيد هيمنته  و فرض سيطرته علي العامة , فهي الشيء الذي من خلالها يحظي علي القبول العام له في منصبه علي أساسها , فهي شيء معنوي تلمسه كافة طوائف الشعب و طبقاته علي حد سواء و يشعر به المواطنون عن طريق تغير ملامح الوطن إلي الأفضل أو ما يفيد المواطن , و بذلك تكن هي تلك الشعرة التي تربط الحاكم بكرسيه فإن قطعت إما قتل أو خلع أو عزل..!!


يقول أدولف هتلر : " إذا أردت أن تحكم السيطرة علي شعب ما .. فأقنعه إنه في خطر "
هكذا حكمنا أغلب من حكمونا .
في الخمسينات و الستينات , إستمد الزعيم الراحل "جمال عبدالناصر " شرعيته من طرد الإحتلال البريطاني و جلاءه عن مصر , و إعلان مصر جمهورية عربية مستقلة و تأميم قناة السويس و بناء السد العالي و كذلك و هو الأهم إنحيازه للشرائح الفقيرة  وإهتمامه بأبناء الطبقة المتوسطة
في صفوف هذا الشعب , مما ترتب عليه تكافؤ الفرص بين المواطنين و الحراك المجتمعي .

بإختصار إكتسب عبدالناصر شرعيته عن طريق مشروع قومي إلتف حوله المواطنون و تمسكوا به ,  ذلك بالرغم من إحتماليات سقوط شرعيته في فترة من الفترات نظراً لما حدث من نكسة 1967 بالإضافة إلي النهج السياسي المستبد و القمعي في كبت الحريات و قمع الأراء , لكن هنا تمسك الشعب به و وطد الشعب الشرعية له عندما رأي آثار الهزيمة و خطورة الحرب فوقف عندها الشعب وراء من رأوا فيه القائد و الزعيم الذي حقق لهم الرخاء و الإستقلال فيما قبل .

أما في السبعينات , فقد إستمد الرئيس الراحل " محمد أنور السادات " شرعيته من إنتصار إكتوبر و تحرير سيناء و إستعادة كرامة المواطن المفقودة أعقاب النكسة و تحويل الإنكسار إلي إنتصار .
لكن شرعيته تلك , سرعان ما كادت تسقط عندما شرع في تطبيق الإنفتاح الإقتصادي و تحول مصر من دولة منتجة إلي مستوردة وذلك ما ترتب عليه من مجيء علي حق المواطن في العدالة الإجتماعية و إنهيار الطبقة المتوسطة و زيادة الطبقة الكادحة الفقيرة فهو قضي علي أهم مكتسبات عهد الرئيس جمال عبدالناصر .
فسرعان ما خرج الشعب ضده فيما سمي بإنتفاضة الحرامية و ما هي إلا إنتفاضة جياع و فقراء هدر حقهم في الحياة الكريمة وذلك كان في عام 1977 بسبب غلاء الأسعار و إرتفاع تكاليف المعيشة بسبب آليات تطبيق الإنفتاح الإقتصادي , هذا علي السبيل الإقتصادي و المجتمعي أما علي السبيل السياسي فبسبب أن ذلك النظام بعد عن الشارع بشكل أو بآخر و إهتمام النظام بالمواقف الدولية و الإقتصادية كحال أي دولة منهكة من حرب و أستنفدت كافة قواها آن ذاك , مما ترتب عليه تكاثر الحركات التكفيرية و الجهادية آن ذاك مما أدي فيما بعد إلي إغتيال السادات رحمة الله عليه .

أما في الثمانينات , فبالطبع كان لا بد علي الرئيس المخلوع " محمد حسني مبارك " أن يستجلب شرعيته من حيث إنتهت شرعية من سبقه و ذلك عن طريق دعوة كافة طوائف الشعب إلي التكاتف و الإتحاد و الإصطفاف لمواجهة خطر تلك الجماعات المتطرفة و المتشددة و مواجهة الإرهاب , مما كان مبرراً قوياً لإعلان حالة الطواريء و كفلت لها الإستمرار ثلاث عقود , لكن تلك الشرعية التي تم إستدعائها بدورها كفلت حالة الطواريء لتكون غطاءاً شرعياً لجميع الإنتهاكات و التعديات علي المعارضين للنظام كبت أصحاب الرأي و إنتهاك كافة مواثيق حقوق الإنسان و إنتهاك الحريات بدعوي تحقيق الديموقراطية و الإستقرار .. فقامت الثورة ليسقط نظاماً و لتسقط معه شرعيته .

أما عن الرئيس المعزول " محمد مرسي " فقد آتته الشرعية الدستورية عن طريق آليات الديموقراطية بآلية الإنتخاب لكنه لم يعي إن لها متطلبات و أن الشعب قام بثورة لها أهداف عليه أن يحققها حتي و إن كانت منافية لأيدولوجيته , فهو لم يعي أن هناك شعب أسقط نظام بسبب إحتكار السلطة و قمع معارضيه و تهمشيهم لكنه سار علي نفس النهج ليكن من أسرع الحكام سقوطاً لشرعيته , فكان عليه أن يكتسب الشرعية الشعبية و الثورية كصمام آمان لكنه أكتفي بشرعية الأهل و العشيرة و الشرعية الدستورية المكذوبة لأنها جاءت عن طريق دستور كتب و عدل علي يد أهله و عشيرته .
و بسبب كثرة تلك الأخطاء التي تتعلق بشرعيته بينه و بين شعبه فقد أفسد الحياة السياسية   فوجب سقوطه و سقوط شرعيته الذي يعد الأسرع و الأقوي دوياً في السقوط .

و الآن و نحن في تلك المرحلة الإنتقالية يبحث الكثير من طامحي السلطة عن الشرعية التي تكفل له رضا الشعب عنه و مساندته , فقد حظت الحكومة الإنتقالية علي شرعيتها من تكاتف الشعب ليقف أمام إرهاب الجماعات المتطرفة و علي رأسها جماعة الإخوان المسلمين و يحاول أن يجتذب كافة طبقات الشعب , و لكن قوة القمع و الشدة في الحكم لا يجب أن تأتي إلا علي من ظلم و من أفسد و لا تتطور لتأكل الأخضر و اليابس , فلا يصح أن تدرك القوي القمعية من يعبر عن رأيه لكن يجب أن تطول من يرهب الآخرين برأيه أو بأفعاله , أما إن تحولت تلك الآداة إلي أداة قمعية لتطول كل من عارض أو أبدي رأياً فسيسقط حتماً النظام و سنظل في تلك الدائرة المفرغة .

بإختصار شديد أري أن هناك نظاماً ما يستعد للقيام علي أسس و رضاء شعبي لكنه يخفي في طياته ما لا يحمد عقباه , و عليه فيجب علي القوي الثورية التعلم من أخطائها و التعلم من أخطائها لتحكم الشرعية الثورية بأهداف الثورة و لتتحقق مباديء الثورة التي ناضلنا من أجلها ضد المخلوع و نظامه و ضد مجلسه العسكري الذي أورث النظام إلي المعزول ليظل هذا الشعب مكتوباً عليه أن يتم تسليمه من نظاماً إلي آخر " تسليم أهالي"

===========================================
للتواصل مع الكاتب علي صفحته الرسمية علي الفيس بوك :


للتواصل مع الكاتب علي حسابه الشخصي علي الفيس بوك :

للتواصل مع الكاتب علي تويتر :

للتواصل مع الكاتب علي إيميله و مراسلته :



الخميس، 31 يناير 2013

من الثوار إلي الساسة : من أنتم ؟؟؟

من الثوار إلي الساسة : من أنتم ؟؟؟


بقلم : محمود عبدالسلام علي

هناك في المكاتب المكيفة يجلس الساسة , يحددون مصيرك ... و يقررون بإسمك و بإسم ثورتك  , يدافعون و يتدافعون ... يصيبوا و يخطأوا ..... لكن في النهاية أنت فقط أيها المواطن من يدفع الثمن !!!


أتدري ما هو هذا الثمن ؟؟؟ ... إنه الوطن , الذي يبكي علي ما آل به الزمان و علي ما آل بشعبه من تمزق بين فريقين كلاهما لا يبحث إلا عن كيفية بقاءه ولا أحد فيهم يبحث عن كيفية بقاء هذا الوطن !!



فها هي المعارضة بثيابها الأنيقة و كلامها المنمق , من ينظر إليها لأول وهلة يري فيهم أناس تشع منهم أضواء الحكمة و بريق الوطنية , لكن من ينظر إلي أفعالهم , لا يري منهم إلا التخاذل و تلاعب بالمشاعر و إهتزازية المواقف , و الأدهي من ذلك و أضل هو عدم الثبات علي المباديء التي يدعونها أمام مؤيديهم و التي رسخوها في عقول مؤيديهم و لذلك يخرج عليهم اليوم مؤيديهم معترضين علي النهج الذين ينتهجوه ... فهؤلاء منهم من كنت أتخذه أباً روحياً لي و قدوة في الضمير السياسي و الآخر كنت قد أتخذه مثالاً للنضال من أجل فقراء مصر ... لكن النضال ليس أفواها تتحدث بل النضال في حقيقة الأمر هو أن تصفع النظام الفاسد بيد قاسية و ليس أن تتراقص للنظام ... هكذا علمتموني !!!




فأنا أتذكر عندما كان شباب الجمعية الوطنية للتغيير يترجون الدكتور محمد البرادعي بعدم اليأس و البقاء فمصر ليستكمل مسيرة التغيير التي بدأها تذكر يا دكتور محمد إننا من أعطينا لك الأمل و كما وعدتنا بالتغيير وعدناك بتحقيقه بدمائنا و قد أوفينا و عندما وعدتنا بالثبات علي المباديء صمدت فترة ثابت فيها علي المبدأ لكنك لم تلبث طويلاً حتي فرطت في جزء من المبدأ و ليس كله , فأنت قد سمحت لنفسك أن تضع يدك في يد من أفسدوا الحياة السياسية بعهد المخلوع و أتيت بعجائز ليقودوا حزبك الذي وعدت بأن يكون حزباً لشباب الثورة و الثوار و ليمكن هذا الشباب من أن يقود هذا البلد مستقبلاً فكيف يقود و أنت تعطي عجلة القيادة لعجائز لهم مصالح أخري , دكتور محمد البرادعي من شباب الفيس إلي من علمنا الثبات علي المبدأ : أرجع مكانك فمكانك مازال قائماً بقلوبنا زعيماً لدولة الضمير و المباديء .


أما الأستاذ حمدين صباحي , فقد علمتنا كيف يكون النضال من أجل الفقراء و كيف يكون النضال من أجل الكادحين و كنا وراءك و صمدنا في صمودك ضد الفساد , لكن كيف نقف الآن و نحن نراك قد تركت من تناضل من أجلهم و تناضل من أجل أشياء أخري لا نعلم ما هي ... فهل أنت تناضل الميكروفون في خطبك الرنانة أم تناضل الفساد الذي مازال يطوق رقاب فقراء مصر , عد إلي فقراء مصر مرة أخري فهم في شوق إليك و لنضالك من أجلهم لا تصارع نظاماً أو مؤسسة بل صارع و ناضل من أجل الفكرة التي طالما ناضلت من أجلها .

فأولئك من يسمون أنفسهم بالنخبة ولكن هم في الحقيقة ليسوا سوي مواطنون عادييون بل و قد يكون المواطن البسيط أكثر وطنية من كثير منهم , فنحن شباب هذا الجيل من صنعناهم و نحن فقط القادرون علي هدمكم , فنحن من ألتففنا حولكم و من ثقتنا أعطيناكم , لكن المباديء التي عاهدتمونا عليها و أئتمناكم علي التمسك بها فإذا أخللتم بها أكثر من هذا  فستكون ضربتنا القادمة إليكم .

و ها هم الحفنة الثانية من النخبة , إنه الطرف الحاكم و المهيمن علي أوراق اللعب في الساحة السياسية , حين تراهم لأول وهلة تري فيهم التقوي و الورع و الزهد من الحياة ولذاتها من سلطة أو منصب , لكن من يدقق في حقيقتهم لا يري سوي إستماتة علي المنصب و الطمع في إحتكار السلطة و ليس الوصول للسلطة فحسب .
فهؤلاء الذين يتخذون من الدين ورقة توت ليستروا عوراتهم و سرعان ما يأبي ديننا الحنيف أن يظل ستارة لما يفعلوه من فساد مجتمعي فيقرر أن يهتك سترهم فتظهر سوءاتهم أمام الجميع و مع ذلك يصرون و يتمادون في أن يستتروا بالدين ليصبح المشهد أكثر وقاحة .

فحينما أري جماعة الإخوان المسلمين و ما تملكه من تاريخ يقارب الثمانين عام ... و أري ما يفعلونه في الساحة السياسية ... اتسائل أهل كانوا يناضلون من أجل حرية الوطن و المواطن أم كانوا يناضلون من أجل إحتكار السلطة و ليس الوصول إليها فحسب . 

أهل كانت إستمراريتهم طوال تلك الفترة عامل من عوامل تغير مسارهم الفكري .. أم عامل من عوامل التعرية التي أصابتهم بموجب إحتكاكهم بكل الأنظمة الحاكمة , فإحتكاكهم المتواصل مع الأنظمة السابقة قد يؤدي إلي إجادة ألاعيب الحواة من كل طراز و هذا ما قد يؤدي حقاً إلي الإنحراف الفكري أو عفن الإحتكاك بالأنظمة و هو ما ينتج الآن من النظام الحالي وهو عفن السياسة.

أتذكر حينما كنت أري في كتبهم عقيدة عدم التحزب و الإلتزام بالمبدأ الدعوي و الدعوة إلي الله لمواجهة الفساد الذي يحل بالوطن و بالمجتمع فإذ فجأة يتنازلون عن العقيدة و ينحرفون عن مجموعة المباديء التي نشأت علي أساسها جماعة الإخوان بل و نشأ عليها أغلب التيارات الإسلامية ...


نعم أقولها صريحة و لست أنا فقط بل كثيرٌ من الشعب المصري يقولها كلاهما لا يمثلان الوطن و المواطنين و كلاهما لا يري سوي مصلحته فقط

نعم كل ما نعانيه في الوقت الراهن ما هو إلا نتاج أزمة المباديء ... فإذا أنهار المبدأ أنهار معه كل جميل و قد يؤدي لاحقاً إلي إنهيار الوطن ... فإن ثورتنا قامت علي مباديء و تراجعت عندما تراجعت المباديء و ستموت حتماً إذا ماتت المباديء بقلوب الشباب و ليس بقلوب العجائز من النخبة بطرفيها الحاكم و المعارض فكلاهما لا يريدان وطناً بل يريدون سلطة ... و هم لا يدرون أن السلطة لن تكون لهم مهما فعلوا بل هي للشعب و ستظل له أمد الدهر .... هم يظنون أنفسهم نخبة الساسة و المجتمع و هم ليسوا كذلك , فالنخبة الحقيقية لهذا الشعب هم الشهداء الذين ضحوا بالغالي و النفيس من أجل المبدأ ثم يأتي خلفهم الثوار الأحرار الذين يناضلون من أجل الثبات علي المبدأ و الأفكار ... هؤلاء هم حقاً النخبة . 


===========================================
للتواصل مع الكاتب علي صفحته الرسمية علي الفيس بوك :



للتواصل مع الكاتب علي حسابه الشخصي علي الفيس بوك :

للتواصل مع الكاتب علي تويتر :

للتواصل مع الكاتب علي إيميله و مراسلته :