من الثوار إلي الساسة : من أنتم ؟؟؟
بقلم : محمود عبدالسلام علي
هناك في المكاتب المكيفة يجلس الساسة , يحددون مصيرك ... و يقررون بإسمك و بإسم ثورتك , يدافعون و يتدافعون ... يصيبوا و يخطأوا ..... لكن في النهاية أنت فقط أيها المواطن من يدفع الثمن !!!
أتدري ما هو هذا الثمن ؟؟؟ ... إنه الوطن , الذي يبكي علي ما آل به الزمان و علي ما آل بشعبه من تمزق بين فريقين كلاهما لا يبحث إلا عن كيفية بقاءه ولا أحد فيهم يبحث عن كيفية بقاء هذا الوطن !!
فها هي المعارضة بثيابها الأنيقة و كلامها المنمق , من ينظر إليها لأول وهلة يري فيهم أناس تشع منهم أضواء الحكمة و بريق الوطنية , لكن من ينظر إلي أفعالهم , لا يري منهم إلا التخاذل و تلاعب بالمشاعر و إهتزازية المواقف , و الأدهي من ذلك و أضل هو عدم الثبات علي المباديء التي يدعونها أمام مؤيديهم و التي رسخوها في عقول مؤيديهم و لذلك يخرج عليهم اليوم مؤيديهم معترضين علي النهج الذين ينتهجوه ... فهؤلاء منهم من كنت أتخذه أباً روحياً لي و قدوة في الضمير السياسي و الآخر كنت قد أتخذه مثالاً للنضال من أجل فقراء مصر ... لكن النضال ليس أفواها تتحدث بل النضال في حقيقة الأمر هو أن تصفع النظام الفاسد بيد قاسية و ليس أن تتراقص للنظام ... هكذا علمتموني !!!
فأنا أتذكر عندما كان شباب الجمعية الوطنية للتغيير يترجون الدكتور محمد
البرادعي بعدم اليأس و البقاء فمصر ليستكمل مسيرة التغيير التي بدأها تذكر يا
دكتور محمد إننا من أعطينا لك الأمل و كما وعدتنا بالتغيير وعدناك بتحقيقه بدمائنا
و قد أوفينا و عندما وعدتنا بالثبات علي المباديء صمدت فترة ثابت فيها علي المبدأ
لكنك لم تلبث طويلاً حتي فرطت في جزء من المبدأ و ليس كله , فأنت قد سمحت لنفسك أن
تضع يدك في يد من أفسدوا الحياة السياسية بعهد المخلوع و أتيت بعجائز ليقودوا حزبك
الذي وعدت بأن يكون حزباً لشباب الثورة و الثوار و ليمكن هذا الشباب من أن يقود
هذا البلد مستقبلاً فكيف يقود و أنت تعطي عجلة القيادة لعجائز لهم مصالح أخري ,
دكتور محمد البرادعي من شباب الفيس إلي من علمنا الثبات علي المبدأ : أرجع مكانك
فمكانك مازال قائماً بقلوبنا زعيماً لدولة الضمير و المباديء .
أما الأستاذ حمدين صباحي , فقد علمتنا كيف يكون النضال من أجل الفقراء و كيف يكون
النضال من أجل الكادحين و كنا وراءك و صمدنا في صمودك ضد الفساد , لكن كيف نقف
الآن و نحن نراك قد تركت من تناضل من أجلهم و تناضل من أجل أشياء أخري لا نعلم ما
هي ... فهل أنت تناضل الميكروفون في خطبك الرنانة أم تناضل الفساد الذي مازال يطوق
رقاب فقراء مصر , عد إلي فقراء مصر مرة أخري فهم في شوق إليك و لنضالك من أجلهم لا
تصارع نظاماً أو مؤسسة بل صارع و ناضل من أجل الفكرة التي طالما ناضلت من أجلها .
فأولئك من يسمون أنفسهم بالنخبة ولكن هم في الحقيقة ليسوا سوي مواطنون عادييون بل و قد
يكون المواطن البسيط أكثر وطنية من كثير منهم , فنحن شباب هذا الجيل من صنعناهم و
نحن فقط القادرون علي هدمكم , فنحن من ألتففنا حولكم و من ثقتنا أعطيناكم , لكن
المباديء التي عاهدتمونا عليها و أئتمناكم علي التمسك بها فإذا أخللتم بها أكثر من
هذا فستكون ضربتنا القادمة إليكم .
و ها هم الحفنة الثانية من النخبة , إنه الطرف الحاكم و المهيمن علي أوراق اللعب
في الساحة السياسية , حين تراهم لأول وهلة تري فيهم التقوي و الورع و الزهد من
الحياة ولذاتها من سلطة أو منصب , لكن من يدقق في حقيقتهم لا يري سوي إستماتة علي
المنصب و الطمع في إحتكار السلطة و ليس الوصول للسلطة فحسب .
فهؤلاء الذين يتخذون من الدين ورقة توت ليستروا عوراتهم و سرعان ما يأبي ديننا
الحنيف أن يظل ستارة لما يفعلوه من فساد مجتمعي فيقرر أن يهتك سترهم فتظهر سوءاتهم
أمام الجميع و مع ذلك يصرون و يتمادون في أن يستتروا بالدين ليصبح المشهد أكثر
وقاحة .
فحينما أري جماعة الإخوان المسلمين و ما تملكه من تاريخ يقارب الثمانين عام ... و
أري ما يفعلونه في الساحة السياسية ... اتسائل أهل كانوا يناضلون من أجل حرية
الوطن و المواطن أم كانوا يناضلون من أجل إحتكار السلطة و ليس الوصول إليها فحسب .
أهل كانت إستمراريتهم طوال تلك الفترة عامل من عوامل تغير مسارهم الفكري .. أم
عامل من عوامل التعرية التي أصابتهم بموجب إحتكاكهم بكل الأنظمة الحاكمة ,
فإحتكاكهم المتواصل مع الأنظمة السابقة قد يؤدي إلي إجادة ألاعيب الحواة من كل
طراز و هذا ما قد يؤدي حقاً إلي الإنحراف الفكري أو عفن الإحتكاك بالأنظمة و هو ما
ينتج الآن من النظام الحالي وهو عفن السياسة.
أتذكر حينما كنت أري في كتبهم عقيدة عدم التحزب و الإلتزام بالمبدأ الدعوي و
الدعوة إلي الله لمواجهة الفساد الذي يحل بالوطن و بالمجتمع فإذ فجأة يتنازلون عن
العقيدة و ينحرفون عن مجموعة المباديء التي نشأت علي أساسها جماعة الإخوان بل و
نشأ عليها أغلب التيارات الإسلامية ...
نعم أقولها صريحة و لست أنا فقط بل كثيرٌ من الشعب المصري يقولها كلاهما لا
يمثلان الوطن و المواطنين و كلاهما لا يري سوي مصلحته فقط
نعم كل ما نعانيه في الوقت الراهن ما هو إلا نتاج أزمة المباديء ... فإذا أنهار
المبدأ أنهار معه كل جميل و قد يؤدي لاحقاً إلي إنهيار الوطن ... فإن ثورتنا قامت
علي مباديء و تراجعت عندما تراجعت المباديء و ستموت حتماً إذا ماتت المباديء بقلوب
الشباب و ليس بقلوب العجائز من النخبة بطرفيها الحاكم و المعارض فكلاهما لا يريدان
وطناً بل يريدون سلطة ... و هم لا يدرون أن السلطة لن تكون لهم مهما فعلوا بل هي
للشعب و ستظل له أمد الدهر .... هم يظنون أنفسهم نخبة الساسة و المجتمع و هم ليسوا
كذلك , فالنخبة الحقيقية لهذا الشعب هم الشهداء الذين ضحوا بالغالي و النفيس من أجل
المبدأ ثم يأتي خلفهم الثوار الأحرار الذين يناضلون من أجل الثبات علي المبدأ و
الأفكار ... هؤلاء هم حقاً النخبة .
===========================================
للتواصل مع الكاتب علي صفحته الرسمية علي الفيس بوك :
للتواصل مع الكاتب علي حسابه الشخصي علي الفيس بوك :
للتواصل مع الكاتب علي تويتر :
للتواصل مع الكاتب علي إيميله و مراسلته :

مقال أكثر من رائع... أحسنت
ردحذفمقال معبر و رائع و هذا ما اعتد عليه من مقالاتك
ردحذفمقال رائع يا محمود
ردحذفتسلم الايادي يامحمود :)
ردحذف